آسيا.. قارة التحديات

آسيا.. إقيانوس ضخم، يحتوي على أنواع متمايزة من الأعراق والثقافات والأديان، والرحيل إليها رحيل إلى عالم مغاير.

الرحيل إلى آسيا، رحيل إلى عالم مغاير، فكريا واقتصاديا، فهي
قارة ليست غنية فقط بالحضارات القديمة، والحكمة الدائمة، ولكنها أيضا قارة
التحديات، تحديات الطبيعة واستعباد التقاليد الطبقية، والتجربة
الاستعمارية المريرة، وقد خلف كل هذا ميراثا ثقيلا من التخلف كان عليها أن
تواجهه.
والزائر إلى آسيا يمكن أن يلاحظ مدى تميزها عن
بقية القارات، فإفريقيا هي هبة خالصة من الطبيعة، الغابات والجبال والأنهار
مازالت على حالتها البدائية، والإنسان يعيش على الهامش، وهي تعد قارة
مازالت في دور الصبا، لم تتحدد قسماتها ولم تتباين دولها وشعوبها إلا منذ
أزمنة وجيزة، بينما أوروبا هي من صنع الإنسان، الأيدي البشرية فيها قهرت
تضاريس الطبيعة وسخرتها لمصلحتها، وهي قارة عجوز، عمرها من عمر العالم،
دولها راسخة، وقد استطاعت أن تسيطر على مقدرات العالم ومازالت حتى الآن،
بينما آسيا هي مزيج من عفوية الطبيعة ودقة الإنسان.
قارة
آسيا عجوز وفتية في الوقت نفسه، تحتوي على حضارات نهرية عريقة في القدم
كالهند والصين، وهناك دول هي وليدة صنع الإنسان وجهد البشر مثل كوريا
واليابان.
ولأنها أكبر قارات العالم فهي إقيانوس ضخم،
يحتوي على أنواع متمايزة من الأعراق والثقافات والأديان وهناك العديد من
الخصائص يمكن أن نوجز بعضها في عناصر ثلاثة:
1- آسيا
المسلمة: فبغض النظر عن الدول العربية المسلمة الموجودة في آسيا، فإنها تضم
اكبر مخزون للشعوب الإسلامية، وهي في معظمها قد دخلت إلى الدين الإسلامي
بعيدا عن جيوش الفتح وحد السيف، فالفتوحات الإسلامية توقفت لسبب غامض عند
حدود الهند، ولكن إشعاع الإسلام لم يتوقف، انتشر عبر مساحات شاسعة من
الأرض، واهتدت إليه شعوب وفيرة العدد، وقد دخلت الإسلام دولا بأكملها،
وكذلك العديد من السواحل والجزر الآسيوية، وقد حمل الإسلام لكل هذه الأصقاع
مجموعة من التجار ذوي المعاملة الحسنة، والبحارة ذوي الجلد، وقد اعتنقت
آسيا الإسلام بصدق ولم تبتعد كثيرا عن أصوله، لم يختلط بالطوطمية والوثنية
كما حدث في إفريقيا، ولم تتحول فروضه إلى شعائر احتفالية كما حدث في أوربا،
وتعطي آسيا مثلا عميقا عن الإسلام الايجابي الذي يستجيب لمقتضيات العصر
وتحديات العولمة في مواجهة الإسلام السلبي العاجز عن مواجهة التحديات
المعاصرة كما نرى في بلادنا العربية.
2- آسيا المعجزة:
كانت آسيا هي قارة المجاعات الكبرى، مجاعة في الهند وأخرى في الصين وكوريا،
وقد استطاعت هذه الدول أن ترتفع من حافة الفاقة إلى مقدمة الاقتصادات
العالمية في غضون عقود قليلة من السنوات، وهي لم توفر احتياجاتها من الطعام
فقط، ولكن كل مستلزمات الحياة، أي أنها حولت كلمة المجاعات إلى معجزات،
المعجزة الكورية والصينية، ونحن نتأهب الآن لاستقبال المعجزة الهندية،
وقبلها كانت المعجزة اليابانية التي وضعت الرجل الأصفر في تكافؤ مع الرجل
الأبيض، لقد قفزت بعض دول آسيا من النقيض إلى النقيض دون أن تطغى على دول
أخرى أو تحتلها أو تستعبدها، وتحولت الطاقة البشرية فيها من عبء على
الاقتصاد القومي إلى محرك لهذا الاقتصاد وأصبحت القوى البشرية تفوق بقية
الموارد الأخرى، فهي تعمل كثيرا وتستهلك قليلا ولا تكف عن الإنتاج. فكيف
تحققت هذه المعجزة؟
3- آسيا وهويتها: لقد حصلت دول آسيا
على هويتها واستقلالها بطريقة صعبة المنال وعبر معارك ضارية ضد الوجود
الأجنبي، كانت هناك معارك ضخمة في الصين ضد الاحتلال الياباني، ومعارك أضخم
في كوريا وفيتنام ضد الغزو الفرنسي ثم الأمريكي، ومع نهاية التسعينيات
انضمت إلى آسيا دفعة جديدة من الدول تقع في وسطها تماما، سبع دول ، مساحات
شاسعة من الأرض المليئة بالإمكانات والموارد ولكنها كانت فاقدة الشخصية،
مجرد جزء جنوبي مهمش من إمبراطورية شاسعة هي الاتحاد السوفييتي، فوجئت
بالاستقلال بقرار إداري اتخذته الإدارة السوفييتية قبل انهيارها الأخير،
وواجهت واقعا جديدا عليها، لقد خاضت نضالا طويلا وصامتا للحفاظ على
شخصيتها، لم يشعر أحد أنها كانت تنتمي إلى دولة إسلامية شاسعة، وهي دول
مستقلة الآن، هوايتها الإسلام ولكن توجهاتها وثقلها السياسي مازال غامضا،
ولا أحد يدري إن كانت تمثل رصيدا لآسيا المسلمة أم العكس؟
هذه
ملامح أولية وملاحظات من جولاتي في أكثر من 15 رحلة قمت بها للعديد من دول
آسيوية من مختلف الثقافات في هذه القارة الغنية بالثقافات.

شكرا على المعلومات

شكراااااا لمرورك العطر

» حصريا - الفيلم الوثائقى الرائع :: حقيقة أم زيف - أطلانتس الأسطورية :: قارة كثرت عنها الأساطير - جودة عالية Rmvb - تحميل مباشر